حكاية قلب ..
صفحة 1 من اصل 1
حكاية قلب ..
((المشهد الأول))
قطع طريقه بخطوات سريعة واسعة، سمع وقعها على جليز الممر المؤدي إلى مكتبه...
فتح الباب في حركة عصبية ثم ارتمى على الكرسي المريح و أسند رأسه إلى الخلف و هو يتنهد في عمق...أغمض عينيه للحظات وهو يسترجع بعض الصور من ذاكرته... فتح عينيه في بطء و جال ببصره في أنحاء المكتب الفاخر الذي انتقل إليه منذ أيام قليلة. لم يكن قد اعتاد بعد على ديكوره الجذاب الأنيق، لكن ابتسامة صغيرة تسللت إلى شفتيه حين وقع نظره على شهادة التقدير التي احتلت جزءا من الجدار الجانبي
لقد استحقها بالفعل، و استحق الترقية التي صاحبتها، و هذا المكتب الفخم الذي استهلك سنوات من شبابه...أخذ نفسا عميقا... نعم، لقد حقق جزءا من أحلامه، و قد حان الوقت ليحقق أحلاما أخرى طالما أجلها إلى أجل غير مسمى... و طالما لاحقته والدته بها، كأنها أحرص عليها منه! قطع أفكاره رنين هاتفه الجوال... تطلع إلى الشاشة الصغيرة فانعقد حاجباه في انزعاج
رمى بالهاتف على سطح المكتب و أشاح بوجهه تاركا إياه يرن في إلحاح...طال الرنين أكثر مما يتحمل... التقط الهاتف في ضيق و تردد إبهامه في الضغط على زر الإجابة...
كان قد التقاها اليوم، بل منذ بضعة دقائق... كانا على موعد، لكنه كان مختلفا عن مواعيدهما السابقة...كان يجب أن ينهي علاقته بها مذ لاحظ تعلقها الواضح به، لكنه تلكّأ و انتظر... ليس تعلقا بها، فهو لم يكن يميل إليها يوما... لكن لأنها كانت جانبا من حياته يجد صعوبة في الخلاص منه...
لم يعدها بالزواج... لا هي ولا غيرها... كان يعتبرها "صديقة" وحسب، لكنها تقربت منه أكثر مما يجب، وبنَت أحلامها معه، في خيالها... وفوجئ بدموعها اليوم... وهي تحاصره باعترافاتها...
ليست من الصنف الذي يريده... ليست فتاة أحلامه... لكنه كان يقضي معها ومع بقية الأصدقاء أوقاتا ممتعة...
لكنه الآن يستعد لحياة جديدة... منذ أيام قليلة بدأ يفكر بجدية في الطلب الذي لاحقته به أمه طويلا... كان ينتظر أن يحقق نجاحا يجعله في موقف قوي... أن يصل إلى مستوى مرموق في عمله يضمن له الرضا والقبول من أي بنت يتقدم إلى خطبتها... البنت التي تناسب طموحه وآماله ...و ذوقه المعقد...
حين انتبه من أفكاره, كان الهاتف قد توقف عن الرنين... جعله في الوضع الصامت، ثم أعاده إلى محفظته... اعتدل في جلسته وفتح الحاسوب... قرب كومة من الأوراق إليه، ثم انهمك بسرعة في دراسة الملفات... إنه عمله الذي يعشقه...
*******
قطع طريقه بخطوات سريعة واسعة، سمع وقعها على جليز الممر المؤدي إلى مكتبه...
فتح الباب في حركة عصبية ثم ارتمى على الكرسي المريح و أسند رأسه إلى الخلف و هو يتنهد في عمق...أغمض عينيه للحظات وهو يسترجع بعض الصور من ذاكرته... فتح عينيه في بطء و جال ببصره في أنحاء المكتب الفاخر الذي انتقل إليه منذ أيام قليلة. لم يكن قد اعتاد بعد على ديكوره الجذاب الأنيق، لكن ابتسامة صغيرة تسللت إلى شفتيه حين وقع نظره على شهادة التقدير التي احتلت جزءا من الجدار الجانبي
لقد استحقها بالفعل، و استحق الترقية التي صاحبتها، و هذا المكتب الفخم الذي استهلك سنوات من شبابه...أخذ نفسا عميقا... نعم، لقد حقق جزءا من أحلامه، و قد حان الوقت ليحقق أحلاما أخرى طالما أجلها إلى أجل غير مسمى... و طالما لاحقته والدته بها، كأنها أحرص عليها منه! قطع أفكاره رنين هاتفه الجوال... تطلع إلى الشاشة الصغيرة فانعقد حاجباه في انزعاج
رمى بالهاتف على سطح المكتب و أشاح بوجهه تاركا إياه يرن في إلحاح...طال الرنين أكثر مما يتحمل... التقط الهاتف في ضيق و تردد إبهامه في الضغط على زر الإجابة...
كان قد التقاها اليوم، بل منذ بضعة دقائق... كانا على موعد، لكنه كان مختلفا عن مواعيدهما السابقة...كان يجب أن ينهي علاقته بها مذ لاحظ تعلقها الواضح به، لكنه تلكّأ و انتظر... ليس تعلقا بها، فهو لم يكن يميل إليها يوما... لكن لأنها كانت جانبا من حياته يجد صعوبة في الخلاص منه...
لم يعدها بالزواج... لا هي ولا غيرها... كان يعتبرها "صديقة" وحسب، لكنها تقربت منه أكثر مما يجب، وبنَت أحلامها معه، في خيالها... وفوجئ بدموعها اليوم... وهي تحاصره باعترافاتها...
ليست من الصنف الذي يريده... ليست فتاة أحلامه... لكنه كان يقضي معها ومع بقية الأصدقاء أوقاتا ممتعة...
لكنه الآن يستعد لحياة جديدة... منذ أيام قليلة بدأ يفكر بجدية في الطلب الذي لاحقته به أمه طويلا... كان ينتظر أن يحقق نجاحا يجعله في موقف قوي... أن يصل إلى مستوى مرموق في عمله يضمن له الرضا والقبول من أي بنت يتقدم إلى خطبتها... البنت التي تناسب طموحه وآماله ...و ذوقه المعقد...
حين انتبه من أفكاره, كان الهاتف قد توقف عن الرنين... جعله في الوضع الصامت، ثم أعاده إلى محفظته... اعتدل في جلسته وفتح الحاسوب... قرب كومة من الأوراق إليه، ثم انهمك بسرعة في دراسة الملفات... إنه عمله الذي يعشقه...
*******
عدل سابقا من قبل زهرة الاسلام في الأربعاء أبريل 09, 2008 8:06 pm عدل 1 مرات
رد: حكاية قلب ..
((المشهد الثاني))
أدار المفتاح في قفل الباب ثم دفعه بقدمه وعاد ليلتقط كيس المشتريات الذي وضعه على الأرض...
طالعه وجه والدته المبتسم التي أطلت من المطبخ حين سمعت حركة عند المدخل... ألقى التحية ثم اقترب ليقبل جبينها و هي تتمتم بالدعاء له بالنجاح والصحة والهداية... تناولت من يده الكيس واختفت من جديد خلف باب المطبخ...
ألقى بنفسه في إعياء على أريكة في قاعة الجلوس و تناول جهاز التحكم عن بعد وراح يتنقل بين القنوات الفضائية في ملل... ارتفع صوت المؤذن في الخارج...
الله أكبر... الله أكبر...
إنه أذان المغرب...
سمع خطوات أمه وهي تخرج من المطبخ على عجل متوجهة نحو الحمام... لم يتحرك من مكانه، فقد كانت نظراته معلقة بوجه ممثلة حسناء تظهر على الشاشة. لم يكن يتابع المسلسل بانتظام، لكن فضولا غريبا تملكه في تلك اللحظات، و لبث يترقب في انتباه المشهد الموالي...
خرج أخوه سمير من غرفته وقد فاحت منه رائحة المسك... نظر إليه عند مروره على القاعة :
ـ رمزي... ألا تذهب إلى المسجد؟
تمطط رمزي في تكاسل وقال دون أن يلتفت إلى أخيه :
ـ لم أقض بعد الصلوات الفائتة... سأصلي في البيت...
هز سمير كتفيه في تسليم و خرج من فوره...
سمير أخوه الأصغر، لايزال في أولى سنوات الجامعة... لكنه يبدو أكبر من سنه. ليست لديه اهتمامات الشباب في مثل تلك الفترة من العمر... ورفاقه من مثل صنفه... لم يمنحوا أنفسهم الفرصة والوقت لاكتشاف الجامعة، مغامراتها و أسرارها... أقنعوا أنفسهم بما يسمى "الالتزام" وتخلوا عن كل أحلام الشباب...
ابتسم في سره في حزن... إنه ليرثي لحال أخيه، متأكد من أنه سيعيش حالة مراهقة متأخرة بسبب الكبت الذي فرضه على نفسه... بل اختاره... في بداية شبابه!
أليس الأفضل أن نعيش كل حالة في وقتها؟
سرح للحظات وأهمل المشهد الذي كان يترقبه من المسلسل... لم يشعر بنفسه إلا و قد غير القناة...
لم يكن متضايقا... بل هامت نظراته إلى غير وجهة...
كان سمير قد عاد من المسجد منذ فترة... لا يزال ضجيج أمه في المطبخ يطرق أذنيه وهي تغسل الأواني... يبدو أن سارة أخته الصغرى قد انضمت إليها، فضحكاتها تملأ المكان...
تطلع من النافذة... اختفت بقايا خيوط الشمس الأخيرة و خيم الظلام على الكون في الخارج
لم يكن قد تحرك من مجلسه بعد حين فتح الباب الخارجي من جديد... كان القادم والده
استقبلته والدته بابتسامتها الوديعة المعتادة :
ـ هل أعد مائدة العشاء؟
خطا نحو قاعة الجلوس وهو يقول :
ـ لم تتبقى إلا دقائق قليلة على صلاة العشاء... نصلي ثم نتعشى...
استقبل والده بابتسامة و تحية. جلس إلى جواره وهو يربت على كتفه :
ـ كيف حالك مع المنصب الجديد؟
ابتسم في رضا، وتحدثا قليلا عن الترقية الحديثة والعمل الجديد... وما لبث أن ارتفع النداء إلى صلاة العشاء. وقف والده من فوره، و قبل أن يغادر القاعة التفت إلى رمزي :
ـ ألا ترافقني إلى المسجد؟
تردد للحظات قبل أن يقول مبتسما :
ـ سألحق بك بعد قليل...
نظر إليه والده في عدم اقتناع، ثم انصرف و هو يهز كتفيه في يأس...
ظل رمزي في مجلسه بضع دقائق أخرى، ثم وقف فجأة كأنه تذكر شيئا... و كانت وجهته إلى غرفته
أغلق الباب خلفه و أخرج هاتفه الجوال الذي كان لا يزال على الوضع الصامت... هاله عدد الاتصالات والرسائل التي وصلته... و كلها من رقم واحد... رقمها! تجاهل الأمر و سارع بتكوين رقم آخر :
ـ كيف حالك يا رجل... لم نرك منذ فترة في النادي؟ من يلقى أحبابه ينسى أصحابه...
ارتفع ضحكه وهو يستمع إلى صوت صديقه الذي أجاب في مرح :
ـ أنت تعلم، الالتزامات الجديدة ومسؤوليات البيت...إضافة إلى الزيارات والاستضافات المتواصلة...
ضحك رمزي من جديد وهو يقول :
ـ هنيئا لك يا صاحبي... أخذتك مشاغلك الجديدة منا...
ـ وأنت... ألم يحن دورك بعد... الترقية و نلتها والحمد لله... متى نفرح بك أنت و ندى؟
انزعج لذكرها و قال في استياء :
ـ أنت أيضا تقول هذا...
ـ من الذي حدثك في الموضوع غيري؟
تذكر رمزي وجهها الباكي ذاك الصباح و زفر في ضيق :
ـ ندى نفسها... تصور أنها كانت تأول تصرفاتي وكلماتي على أنني أميل إليها وأريد الارتباط بها!
عاجله صاحبه في عتاب :
ـ لو كنت تضع حدودا لمعاملتك لها لما سمحت لنفسها بالتأويل والتحليل!
تنهد رمزي من جديد :
ـ تلك هي طريقتي معها ومع غيرها... لكنك تعلم أن ندى ليست الصنف الذي أبحث عنه...
بدا الارتياح في صوت محدثه وهو يقول :
ـ جيد... و الآن، أخبرني... ماهو الصنف الذي تبحث عنه؟
سكت للحظات و هو يفكر في حيرة... لم يكن قد طرح على نفسه السؤال من قبل... كيف يريدها؟ إنه على الأقل متأكد من أنه يريدها مختلفة عن كل البنات اللاتي عرفهن وصادقهن و بادلهن الأحاديث ورافقهن في السهرات... يريدها مختلفة... من نوع مختلف تماما... وفجأة خطرت بباله سناء... بنت الجيران... فتاة محجبة... جميلة ورقيقة... ومن النوع الذي يسمونه بالملتزم... ولم يقدر على طرد صورتها من باله...
صحيح أنه لا يزال يؤجل تغيير نمط حياته ويرى أن الوقت لم يفت بعد ليعود إلى الله ويعيد النظر في تصرفاته... لكن الأمر بالنسبة إلى الفتاة مختلف! الفتاة التي يريد الارتباط بها لا يجب أن تكون من النوع "المستهلك"... "المجرِب"، أو "ذي الخبرة في الحياة"... يريدها طازجة، لم تصل إليها يد أي كان... محمية في علبة مخملية، مثل علبة الخاتم الذي سيضعه في إصبعها...
انتبه على صوت صديقه وهو يهتف :
ـ رمزي... أين ذهبت؟
ـ هااه...
ـ اسمع... يجب أن أذهب الآن... هناك من يستعجلني...
و ارتفع ضحكهما من جديد...
*******
رد: حكاية قلب ..
((المشهد الثالث))
وقف أمام الشرفة و قد أشاح طرفا من الستار... أخذ يتطلع إلى الطريق في اهتمام مثلما صارت عادته منذ أسبوع أو أكثر... انتظر لبضع دقائق قبل أن يلمحها تخرج من منزلها الذي يفصله عن منزله عدد قليل من المنازل، على الجانب المقابل من الطريق... تابعها وهي تمر أمام منزله في خطوات رصينة في هيأتها المحتشمة، ووجهها الطفولي يرسم شبه ابتسامة خجلى...
ـ بني... الفطور جاهز...
لم يبعد عينيه عنها وهو يقول في سرحان :
ـ نعم... أنا آت...
تابعها بنظراتها إلى أن اختفت في المنعطف القريب، ثم توجه إلى المائدة.
بادل والدته ابتسامتها الحنونة و همس في حب :
ـ سلمت يداك يا غالية! وأدام الله علينا هاته النعمة...
سارعت والدته تصب القهوة في فنجانه و قالت وهي ترمقه بنظرة فاحصة :
ـ لكنك لا تريد أن تسعد قلب هاته الغالية...
هتف في احتجاج :
ـ أنا يا أمي؟! هل قصرت في شيء؟ اطلبي ولا تترددي... أنا ومالي و صحتي وكل ما أملك تحت أمرك وتصرفك!
طالعته بنظرة ذات معنى :
ـ لست في حاجة إلى كل هذا... لكنها أمنية في قلب كل أم... أن تفرح بأبنائها وترى أحفادها يرتعون حولها...
ابتسم هاته المرة ابتسامة واسعة، تختلف عن المزاج الذي تعودت أن تلقاه منه كلما خاضت في موضوع الزواج :
ـ كل شيء في وقته حلو...
أحست بأنه لان أخيرا... جذبت الكرسي المجاور وجلست وهي تنحني نحوه :
ـ ما رأيك في بنت خالتك ليلى... فتاة أصيلة، ذات جمال وأخلاق... هل تريد أن أخطبها لك؟
ربت على كفها في حنان وقال في هدوء منهيا الحوار :
ـ قلت لك لا تقلقي... سأهتم بالأمر بنفسي...
لكنها أصرت و هي تلاحقه إلى باب المنزل :
ـ رمزي، بني... هل تفكر في فتاة بعينها؟
اتسعت ابتسامته وهو يقول :
ـ قلت لك... كل شيء في وقته حلو...
ثم أضاف و هو يفتح الباب الخارجي :
ـ عن إذنك الآن... سأتأخر عن عملي...
******
رد: حكاية قلب ..
((المشهد الرابع))
خرج من مكتبه قبل وقت انتهاء الفترة المسائية... كان مستعجلا... أدار محرك السيارة وانطلق في اتجاه غير اتجاهه الاعتيادي... لكنه كان يعرف الطريق جيدا... الطريق التي قطعها أكثر من مرة في الأيام القليلة الماضية... كان طريق كلية التجارة... نعم فقد عرف أنها تدرس في كلية التجارة، وعرف أيضا مواعيد خروجها... اطلع على برنامج محاضراتها لهذا الأسبوع...
ركن السيارة في موقف قريب وقطع المسافة مشيا إلى محطة الحافلات. رآها تقف وحيدة وهي تضم كراساتها إلى صدرها في هدوء... تقريبا في نفس الوضعية التي يراها عليها منذ بضعة أسابيع، في كل مرة راقبها فيها عن بعد... عرف صديقاتها وتعرف على محيطها، و حمد الله من كل قلبه لأن صديقاتها لا يركبن نفس حافلتها!
وها قد جاء اليوم الذي عقد فيه العزم على الخروج من صمته... وسار ليكلمها...
اقترب منها في خطوات مترددة و هو يكاد يسمع دقات قلبه المتسارعة. ما الذي يحصل معك يا رمزي؟ رمزي الذي تعود المصافحة والعناق، وإمساك الأيدي في المطاعم والأماكن العامة، يرتجف الآن... وحبيبات العرق تتجمع في جبينه...
رفعت عينيها إليه في حركة تلقائية، حين أحست بنظراته المركزة عليها... وسرعان ما خفضت نظراتها في حياء محبب... طار قلبه معه!
ـ آنسة سناء
ـ .........................
التفتت إليه وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة مترددة وقد انعكست دهشتها على ملامحها. لم تنبس ببنت شفة... ترقب توضيحا منه...
هل تعرفت علي؟ نحن جيران منذ أكثر من 5 سنوات... لكن العلاقات شبه مقطوعة بين العائلتين...
غالب خجله وهو يقول :
ـ أنا... رمزي... ابن جاركم... الحاج علي...
هزت رأسها موافقة، كأنها تنتظر المزيد... يبدو أنها تعرفت عليه...
ـ اعذريني...لست أدري من أين أبدأ... أعرفك بنفسي أولا... أنا مهندس، في شركة خاصة... دخلي جيد وأمتلك سيارة حديثة... وبوسعي أن أشتري منزلا مناسبا... في المنطقة التي تعجبك...
أحس أنه تسرعبملاحظته الأخيرة، وهو لم يشرح بعد طلبه وسبب محادثته لها...
لاحظ ارتباك البنت، و الدهشة التي اعترتها... فتدارك في سرعة :
ـ آسف...لم أفصح لك بعد عن سبب المحادثة... في الحقيقة، أنا معجب بك آنسة سناء... بأخلاقك وحيائك... و يسرني أن أتقدم لطلب يدك...
رفع عينيه إليهاليلمح أثر كلماته على قسمات وجهها. كان لونها قد تحول إلى الأحمر القاني، و عيناها قد التصقت بالأرض
ـ أردت أنأتعرف عليك أكثر... وأتيح لك الفرصة لتتعرفي علي أنت أيضا... قبل أن أفاتح والدك بصفة رسمية...
لم تكن قد رفعت عينيها بعد، لكنها تمتمت في خجل :
ـ أظن أنوقوفنا بهذا الشكل ليس الحل المناسب... يمكنك أن تتحدث إلى والدي ونتعرف أكثر فيما بعد
كان السرور واضحا في صوته و هو يهتف :
ـ إذن أنت موافقة؟ يمكنني أن أتقدم؟
********
خرج من مكتبه قبل وقت انتهاء الفترة المسائية... كان مستعجلا... أدار محرك السيارة وانطلق في اتجاه غير اتجاهه الاعتيادي... لكنه كان يعرف الطريق جيدا... الطريق التي قطعها أكثر من مرة في الأيام القليلة الماضية... كان طريق كلية التجارة... نعم فقد عرف أنها تدرس في كلية التجارة، وعرف أيضا مواعيد خروجها... اطلع على برنامج محاضراتها لهذا الأسبوع...
ركن السيارة في موقف قريب وقطع المسافة مشيا إلى محطة الحافلات. رآها تقف وحيدة وهي تضم كراساتها إلى صدرها في هدوء... تقريبا في نفس الوضعية التي يراها عليها منذ بضعة أسابيع، في كل مرة راقبها فيها عن بعد... عرف صديقاتها وتعرف على محيطها، و حمد الله من كل قلبه لأن صديقاتها لا يركبن نفس حافلتها!
وها قد جاء اليوم الذي عقد فيه العزم على الخروج من صمته... وسار ليكلمها...
اقترب منها في خطوات مترددة و هو يكاد يسمع دقات قلبه المتسارعة. ما الذي يحصل معك يا رمزي؟ رمزي الذي تعود المصافحة والعناق، وإمساك الأيدي في المطاعم والأماكن العامة، يرتجف الآن... وحبيبات العرق تتجمع في جبينه...
رفعت عينيها إليه في حركة تلقائية، حين أحست بنظراته المركزة عليها... وسرعان ما خفضت نظراتها في حياء محبب... طار قلبه معه!
ـ آنسة سناء
ـ .........................
التفتت إليه وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة مترددة وقد انعكست دهشتها على ملامحها. لم تنبس ببنت شفة... ترقب توضيحا منه...
هل تعرفت علي؟ نحن جيران منذ أكثر من 5 سنوات... لكن العلاقات شبه مقطوعة بين العائلتين...
غالب خجله وهو يقول :
ـ أنا... رمزي... ابن جاركم... الحاج علي...
هزت رأسها موافقة، كأنها تنتظر المزيد... يبدو أنها تعرفت عليه...
ـ اعذريني...لست أدري من أين أبدأ... أعرفك بنفسي أولا... أنا مهندس، في شركة خاصة... دخلي جيد وأمتلك سيارة حديثة... وبوسعي أن أشتري منزلا مناسبا... في المنطقة التي تعجبك...
أحس أنه تسرعبملاحظته الأخيرة، وهو لم يشرح بعد طلبه وسبب محادثته لها...
لاحظ ارتباك البنت، و الدهشة التي اعترتها... فتدارك في سرعة :
ـ آسف...لم أفصح لك بعد عن سبب المحادثة... في الحقيقة، أنا معجب بك آنسة سناء... بأخلاقك وحيائك... و يسرني أن أتقدم لطلب يدك...
رفع عينيه إليهاليلمح أثر كلماته على قسمات وجهها. كان لونها قد تحول إلى الأحمر القاني، و عيناها قد التصقت بالأرض
ـ أردت أنأتعرف عليك أكثر... وأتيح لك الفرصة لتتعرفي علي أنت أيضا... قبل أن أفاتح والدك بصفة رسمية...
لم تكن قد رفعت عينيها بعد، لكنها تمتمت في خجل :
ـ أظن أنوقوفنا بهذا الشكل ليس الحل المناسب... يمكنك أن تتحدث إلى والدي ونتعرف أكثر فيما بعد
كان السرور واضحا في صوته و هو يهتف :
ـ إذن أنت موافقة؟ يمكنني أن أتقدم؟
********
رد: حكاية قلب ..
((المشهد الخامس))
لم يكن يتصور بأنه سيتعلق بها بتلك السرعة... وإلى تلك الدرجة...
أصبح يتابعها يوميا حين خروجها... بجرأة أكبر... يخرج إلى الشرفة وينتظر مرورها ليحييها بابتسامة، قلما تردها... لكن قلبه كان يكتفي من احمرار وجنتيها... يتحين الفرص ليبادلها بضع كلمات أمام الكلية قبل أن تصل حافلتها، مع أنه كان يتمنى أن ترضى بأن يوصلها إلى المنزل بسيارته!
و كانت تلك اللحظات القصيرة تشعره بسعادة لا توصف...
رمزي الذي لم يكن يتحرج من محادثة الفتيات ومبادلتهن الضحك والمزاح، أصبح قلبه يدق بشدة حين يبادر سناء بتحية الصباح!
******
أخذ نفسا عميقا من السيجارة، ثم نفث الدخان من فيه في توتر.
عقد سمير حاجبيه وهو يقترب من أخيه الذي وقف في الشرفة موليا إياه ظهره، و هتف في ضيق :
ـ متى تتوقف عن استهلاك هاته السموم؟
ابتسم رمزي في لامبالاة :
ـ اتركني الآن... أحتاجها لتخفيف توتري...
وقف إلى جانبه و هو يرفع عينيه إلى السماء المظلمة :
ـ وما الذي يوترك يا أخي؟
بدت علامات الضيق على ملامح رمزي و هو يزفر في قلق :
ـ... لقد تأخروا في الرد...
رفع سمير حاجبيه في دهشة وهو يطالع أخاه في عدم تصديق مشوب بارتياح خفي :
ـ و هل يهمك الرد إلى هاته الدرجة؟ ظننتك لا تبالي كثيرا... بل استجبت لرغبة الوالدة!
لم يعلق رمزي فاستطرد سمير مبتسما :
ـ أراك قد تعلقت بها... ماذا فعلت بك هاته الفتاة!
ابتعد عنه رمزي متضايقا، لكن سمير ربت على كتفه وهو يقول :
ـ أرجو أن تكون من نصيبك... سناء فتاة رقيقة و ذات شخصية قوية... على خلق، ولا ينقصها الجمال...
استدار إليه رمزي في حدة و هو يمسك بياقة قميصه و يهتف به :
ـ و ما أدراك أنت بأخلاقها و طباعها؟
ضحكسمير وهويبعد قبضة أخيه عن قميصه :
ـ على رسلك يا أخي... لا تخف ليس لي أية علاقة بها... لكن أخاها سالم زميلي في الجامعة ويتحدث عنها كثيرا وعن مواقفها في البيت...
هدأ رمزي قليلا ثم طالع سمير في فضول :
ـ وماذا يقول عنها؟
ضحك سمير من جديد، لكنه لم يجب... ثم التفت إلى رمزي مطمئنا :
ـ لا تقلق... الفتاة وأهلها لا يعرفونك جيدا... أكيد أنهم يحاولون السؤال عنك... وسيجيبون قريبا...
********
لم يكن يتصور بأنه سيتعلق بها بتلك السرعة... وإلى تلك الدرجة...
أصبح يتابعها يوميا حين خروجها... بجرأة أكبر... يخرج إلى الشرفة وينتظر مرورها ليحييها بابتسامة، قلما تردها... لكن قلبه كان يكتفي من احمرار وجنتيها... يتحين الفرص ليبادلها بضع كلمات أمام الكلية قبل أن تصل حافلتها، مع أنه كان يتمنى أن ترضى بأن يوصلها إلى المنزل بسيارته!
و كانت تلك اللحظات القصيرة تشعره بسعادة لا توصف...
رمزي الذي لم يكن يتحرج من محادثة الفتيات ومبادلتهن الضحك والمزاح، أصبح قلبه يدق بشدة حين يبادر سناء بتحية الصباح!
******
أخذ نفسا عميقا من السيجارة، ثم نفث الدخان من فيه في توتر.
عقد سمير حاجبيه وهو يقترب من أخيه الذي وقف في الشرفة موليا إياه ظهره، و هتف في ضيق :
ـ متى تتوقف عن استهلاك هاته السموم؟
ابتسم رمزي في لامبالاة :
ـ اتركني الآن... أحتاجها لتخفيف توتري...
وقف إلى جانبه و هو يرفع عينيه إلى السماء المظلمة :
ـ وما الذي يوترك يا أخي؟
بدت علامات الضيق على ملامح رمزي و هو يزفر في قلق :
ـ... لقد تأخروا في الرد...
رفع سمير حاجبيه في دهشة وهو يطالع أخاه في عدم تصديق مشوب بارتياح خفي :
ـ و هل يهمك الرد إلى هاته الدرجة؟ ظننتك لا تبالي كثيرا... بل استجبت لرغبة الوالدة!
لم يعلق رمزي فاستطرد سمير مبتسما :
ـ أراك قد تعلقت بها... ماذا فعلت بك هاته الفتاة!
ابتعد عنه رمزي متضايقا، لكن سمير ربت على كتفه وهو يقول :
ـ أرجو أن تكون من نصيبك... سناء فتاة رقيقة و ذات شخصية قوية... على خلق، ولا ينقصها الجمال...
استدار إليه رمزي في حدة و هو يمسك بياقة قميصه و يهتف به :
ـ و ما أدراك أنت بأخلاقها و طباعها؟
ضحكسمير وهويبعد قبضة أخيه عن قميصه :
ـ على رسلك يا أخي... لا تخف ليس لي أية علاقة بها... لكن أخاها سالم زميلي في الجامعة ويتحدث عنها كثيرا وعن مواقفها في البيت...
هدأ رمزي قليلا ثم طالع سمير في فضول :
ـ وماذا يقول عنها؟
ضحك سمير من جديد، لكنه لم يجب... ثم التفت إلى رمزي مطمئنا :
ـ لا تقلق... الفتاة وأهلها لا يعرفونك جيدا... أكيد أنهم يحاولون السؤال عنك... وسيجيبون قريبا...
********
رد: حكاية قلب ..
((المشهد السادس))
رنت العبارة في ذهنه للمرة الألف و هو يقود سيارته في عصبية ذاك المساء... كان قد اتصل بوالدها ليستعجل الجواب... و كأنه استعجل النهاية... نهاية أحلامه مع سناء!
"الزواج قسمة و نصيب"
تلك العبارة الركيكة التي يقذف بها والد الفتاة في وجه الخاطب وهو يمثل الأسف... والتي يعني بها الرفض!
حين توقفت السيارة أخيرا، انتبه إلى أنه لم يكن أمام المنزل... قاده قلبه إلى حيث يمكنه أن يراها...
كان قد ركن السيارة قريبا من كليتها... وتقريبا بلا وعي أو سيطرة على أعصابه قفز منها و توجه إلى حيث يلقاها... سار بخطى سريعة وقلب موجوع... وتسمر في مكانه حين التقت عيناه بعينيها... لبضعة أجزاء من الثانية... قبل أن تغض بصرها في حيرة... وألم... وخوف من سؤال تنطق به عيناه... لماذا؟
ـ آنسة سناء... هل لي بكلمة؟ هل لي أن أفهم أسباب الرفض؟
رفعت عينيها في تردد... لكنها تكلمت أخيرا... تكلمت وتكلمت... بصراحة لم يتوقعها، و هي تصفعه بكل كلمة... وأحس بالأرض تميد تحت قدميه...
الصلاة... الفتاة محجبة وملتزمة، ولا ترضى بالاقتران بشاب لا يؤدي صلواته في المسجد... بل لا يحافظ عليها أصلا...
تهاونه في علاقاته مع الزميلات في العمل... لم يتصور أن شخصيته المرحة وأسلوبه الظريف الذي تثني عليه جميع الفتيات اللاتي عرفهن قد توضع يوما موضع شك واتهام!
التدخين... آفة لم يقدر على التخلص منها رغم قراراته السابقة و نواياه الطيبة... لكنها لا ترضى بمن يلقي بنفسه إلى التهلكة!
توقفت، فانقطعت أنفاسه... هل هاته هي صورتي في عينيها؟
لكنه رأى لمحة حزن في عينيها... حزن بعث في قلبه الأمل... وأعاد الهواء إلى رئتيه...
هل تراها تعلقت به قبل أن تعلم عنه كل هذا؟ هل تراها تتألم لأن وضعه لا يناسبها؟
وفي لحظة... أحس بأنه قادر على التغيير... بل أنه أخيرا وجد دافعا للتغيير...
خرج صوته مبحوحا... حزينا... مهموما :
ـ سناء... أنا لست هكذا... لم أرد أن أكون هكذا... لكنني لم أتخذ الخطوة المناسبة لأتغير... لأبدأ صفحة جديدة في حياتي وأسير في طريق سليمة... لكنني لا أريد أن أفقدك...
رفعت عينيها إليه في دهشة... فرأت الصدق والتصميم في عينيه...
هو نفسه لم يصدق ما أحس به في تلك الآونة... هو رمزي... ذو الشخصية القوية المستقلة... الذي لم يؤثر فيه عتاب والده الطويل، وحزن والدته المتواصل، ونصائح أخيه المتكررة... أحس فجأة باستفاقة، بانتفاضة قلبه التي طالما أجلها وماطلها وتناساها وأسكتها...
أخرج علبة سجائره و طالعها باحتقار... رمى بها عند قدميه و سحقها بشدة... لن يستسلم لها ثانية...
لكن هنالك خطوات كثيرة أخرى...ليثبت لها مدى جديته وعمق التغيير في نفسه...
ـ أعدك... أعدك بأن أتغير...
كان ردها البلسم الذي أعاد إليه الحياة :
ـ سأنتظرك... بقلبك الجديد...
***انتهت القصة الأولى***
منقوووووول
رنت العبارة في ذهنه للمرة الألف و هو يقود سيارته في عصبية ذاك المساء... كان قد اتصل بوالدها ليستعجل الجواب... و كأنه استعجل النهاية... نهاية أحلامه مع سناء!
"الزواج قسمة و نصيب"
تلك العبارة الركيكة التي يقذف بها والد الفتاة في وجه الخاطب وهو يمثل الأسف... والتي يعني بها الرفض!
حين توقفت السيارة أخيرا، انتبه إلى أنه لم يكن أمام المنزل... قاده قلبه إلى حيث يمكنه أن يراها...
كان قد ركن السيارة قريبا من كليتها... وتقريبا بلا وعي أو سيطرة على أعصابه قفز منها و توجه إلى حيث يلقاها... سار بخطى سريعة وقلب موجوع... وتسمر في مكانه حين التقت عيناه بعينيها... لبضعة أجزاء من الثانية... قبل أن تغض بصرها في حيرة... وألم... وخوف من سؤال تنطق به عيناه... لماذا؟
ـ آنسة سناء... هل لي بكلمة؟ هل لي أن أفهم أسباب الرفض؟
رفعت عينيها في تردد... لكنها تكلمت أخيرا... تكلمت وتكلمت... بصراحة لم يتوقعها، و هي تصفعه بكل كلمة... وأحس بالأرض تميد تحت قدميه...
الصلاة... الفتاة محجبة وملتزمة، ولا ترضى بالاقتران بشاب لا يؤدي صلواته في المسجد... بل لا يحافظ عليها أصلا...
تهاونه في علاقاته مع الزميلات في العمل... لم يتصور أن شخصيته المرحة وأسلوبه الظريف الذي تثني عليه جميع الفتيات اللاتي عرفهن قد توضع يوما موضع شك واتهام!
التدخين... آفة لم يقدر على التخلص منها رغم قراراته السابقة و نواياه الطيبة... لكنها لا ترضى بمن يلقي بنفسه إلى التهلكة!
توقفت، فانقطعت أنفاسه... هل هاته هي صورتي في عينيها؟
لكنه رأى لمحة حزن في عينيها... حزن بعث في قلبه الأمل... وأعاد الهواء إلى رئتيه...
هل تراها تعلقت به قبل أن تعلم عنه كل هذا؟ هل تراها تتألم لأن وضعه لا يناسبها؟
وفي لحظة... أحس بأنه قادر على التغيير... بل أنه أخيرا وجد دافعا للتغيير...
خرج صوته مبحوحا... حزينا... مهموما :
ـ سناء... أنا لست هكذا... لم أرد أن أكون هكذا... لكنني لم أتخذ الخطوة المناسبة لأتغير... لأبدأ صفحة جديدة في حياتي وأسير في طريق سليمة... لكنني لا أريد أن أفقدك...
رفعت عينيها إليه في دهشة... فرأت الصدق والتصميم في عينيه...
هو نفسه لم يصدق ما أحس به في تلك الآونة... هو رمزي... ذو الشخصية القوية المستقلة... الذي لم يؤثر فيه عتاب والده الطويل، وحزن والدته المتواصل، ونصائح أخيه المتكررة... أحس فجأة باستفاقة، بانتفاضة قلبه التي طالما أجلها وماطلها وتناساها وأسكتها...
أخرج علبة سجائره و طالعها باحتقار... رمى بها عند قدميه و سحقها بشدة... لن يستسلم لها ثانية...
لكن هنالك خطوات كثيرة أخرى...ليثبت لها مدى جديته وعمق التغيير في نفسه...
ـ أعدك... أعدك بأن أتغير...
كان ردها البلسم الذي أعاد إليه الحياة :
ـ سأنتظرك... بقلبك الجديد...
***انتهت القصة الأولى***
منقوووووول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى