هل يعيش من له صدرين فى قلبه
صفحة 1 من اصل 1
هل يعيش من له صدرين فى قلبه
الحب سمة إنسانية وضعها الله سبحانه وتعالى بالنفس البشرية لتستمر بها الحياة وتسمو بها الأنفس، وهو التقاء لآمالنا وتطلعاتنا مع مقاييس وصفات شخص يشاركنا مشوار حياتنا الآتي.
والحب الأول تعبير كثيرًا ما نسمعه يتردد هنا وهناك على ألسنة الشباب والفتيات، أحيانًا تعلو ملامح من يتحدث عنه إشراقة وتشع من وجنتيه ابتسامة، وأحيانًا أخرى ما إن تأتي ذكراه حتى تتغير الملامح حزنى أليمة على افتراق الحبيب الأول نتيجة لأسباب تختلف بين مراهقة وعدم صدق في الإحساس، وظروف أخرى تجبر على النسيان وطي صفحة الماضي وبدء حياة أخرى مع شخص آخر، قد لا يجمعهما بداية إلا احترام متبادل وفكر متسق.
سطور التحقيق التالي تعرض لتجربة الحب الأول بين الشباب الفلسطيني ذكورًا وإناثًا على حدٍّ سواء، تتلمس في آرائهم عذب مشاعر الحب الأول وظروف نشأته وإمكانية رعايته وتثبيته بين المتحابين، نسألهم هل الحب الأول مرتبط بالنظرة ورجفة القلب والتجربة الأولى أم أنه ربما يكون لاحقًا على تجارب أخرى؟.
كما نتعرف منهم على إمكانية تعايش قصص الحب الأول "الفاشلة" داخلنا مع الزواج أو قصص لاحقة، دون أن تفشلها؟
تجربة باقية.. ولكن
ماجدة امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها، تعيش في مدينة غزة، حالت الظروف الاجتماعية الخاصة بها دون إتمام زواجها من "حبها الأول" الذي جمعها بزميل العمل، بعد هذا الجرح بعام تزوجت ماجدة من رجل رشحت له من قبل المعارف.
وعن مساحة حبها الأول في حياتها بعد الزواج، تقول: "لم يكن زوجي هو ذاك الفتى الذي حلمت بأن يكون شريكي في هذه الحياة، لكنه كان رجلاً طيبًا وخلوقًا مع وجود بعض الاختلافات بيننا، ومن هنا وجدت نفسي مجبرة على مغالبة نفسي باستمرار عند التفكير في حبي الأول؛ لأكون عند ثقة زوجي حتى بيني وبين نفسي".
وتتابع ماجدة: "لا أنكر أنني الآن أفكر في حبيبي الأول قليلاً في وقت الضيق النفسي والملل الذي قد يصيب الجميع، لكن سرعان ما ألجأ إلى الله الكريم أن يعين هذه النفس على طاعته في السر وأغالبها، وأحاول أن أشغل نفسي في الكثير من أمور البيت وأمور زوجي".
لم تتوقف ماجدة هنا، بل إن إصرارها على أن تعيش حياة زوجية مقبولة بينها وبين نفسها زرع فيها التحدي في زرع الصفات والعادات الزوجية التي تحبها في زوجها نفسه، وكانت سعيدة بما يتحقق معها من تجاوب.
تضيف ماجدة: "كلما نظرت إلى أبنائي أستحي أن أفكر في حبي الأول، هذا التفكير الذي ملكني في السنوات الخمس الأولى من الزواج، أما الآن فالحمد لله عندما أرى حبيبي الأول أو أسمع عنه أي شيء يقع الأمر عادي جدًّا على نفسي.. عكس ما كان يحدث لي في أول زواجي من ضيق واحمرار وجه واهتمام".
قرأت ماجدة الكثير في آلية مقاومة هذه التجربة وخلصت إلى عدة أمور، منها أنها حاولت أن تقنع نفسها بأن حبها الأول ربما لم يكن كما تخيلته في أحلامها والتجارب التي عاصرتها في زواج المتحابين تؤكد وجود مثل هذا الاحتمال.
وعن الآلية التي اتبعتها للوصول لهذا الاقتناع تؤكد: "أولاً يجب مخافة الله في السر فالتفكير في السر هو سبب البلاء، وعلى ذلك يجب منع النفس من التفكير بمجاهدتها وإشغالها في أشياء مهمة، إضافة إلى زرع ما جذبني في حبي الأول في زوجي على قدر المستطاع، كما أن اللجوء إلى الله في الدعاء والذكر للعون على هذا الأمر مهم جدًّا، وهو أساس كل القدرة على هذا البلاء".
يبقى خالدًا
"يبقى الحب الأول خالدًا في الذاكرة والوجدان لا تمحيه تجارب أخرى ولا يكفل نسيانه تتابع الأزمان" بتلك الكلمات يعبر رائد من خان يونس، وهو في الأربعين من عمره، ويتابع: "بدايةً الحب الأول لا يرهن بالتجربة الأولى والنظرة والابتسامة والإحساس المفعم بالشوق والحنين، إنما الحب الأول هو ذلك النتاج الفكري والعاطفي والوجداني النابع من اختلاط مجموعة من التجارب والأحاسيس والمواقف التي تبين لك أن ذاك الشخص من يستحق أن يكون الحب الأول حتى إن لم تنتهِ العلاقة باجتماع أبدي".
وبعد فترة صمت، يبدأ رائد في سرد قصته مع الحب الأول، فيقر الرجل أنه أحب مرات عديدة.. جارته في زمن المراهقة وزميلته في الجامعة وزوجته التي أنجب منها ستة أطفال.
ويؤكد أن جميع تلك التجارب لها في قلبه ذكريات ومواقف وأحاسيس، لكن لم تكن إحداهن الحب الأول.
وبعد لحظات أخرى من الصمت ارتسمت خلالها علامات الأسى على وجهه، يستطرد: "كانت صديقة في مثل سني أو أصغر بأشهر قليلة قريبة جدًّا من قلبي، في البداية لم أنتبه لحبي وتعلقي اللامحدود بها خلت أنها مشاعر الصداقة فحسب، ولكن ما لبثت أن أدركت أنها حبي الأول بعد أن فارقتها مودعًا للدراسة في بلد آخر".
"هناك شعرت بحاجتي إليها ترافقني أيامي ولحظاتي وسكناتي، لكنها لم تأتِ فارقت الحياة في حادث مريع لترحل وتترك ذكراها في قلبي عالقة تأبى الرحيل".
أما نهال -25 عامًا- موظفة، تجزم بأن الحب الأول يبقى راسخًا في العقل والوجدان لا يمكن نسيانه أو حتى التعايش مع تجارب أخرى إذا ما حكم على تجربة الحب الأول بالفشل؛ نظرًا لظروف قهرية خارجة عن إرادة المتحابين.
وتفسر قناعتها من خلال تجربتها الشخصية فتقول: "مررت بتجربة حب مختلفة، لكنها أصيبت بالفشل، غير أنها ما زالت تحيا بها ولا تستطيع أن تفتح باب قلبها مجددًا علَّها تنعم بتجربة أخرى تعوضها بعضًا من ملامح تجربة الحب الأول".
أما أم أنس - ربة منزل فترى أن "تجربة الحب الأول يمكن أن تتعايش مع تجربة الزواج، خاصة إذا ما منحها الزوج الحب والاهتمام والعطف والاحترام".
وتشير أم أنس وهي أم لطفلين أن الأنثى إذا ما وجدت تعويضًا عن مزايا الحبيب الأول في الزوج فإنها ستحاول نسيان تجربة الحب الأول وستخلص للزوج ويكون هو حبها الأول والأخير.. أما إذا لم يستطع الزوج تعويضها فإنها حتمًا ستفشل في الحياة؛ إذ إنها ستعمد دومًا إلى مقارنة تجربتها الأولى مع الزواج.
آلية التعايش
ويرجع د. سمير زقوت، الاختصاصي النفسي في برنامج غزة للصحة النفسية، الآليات المطلوب توافرها لتعايش تجربة الحب الأول مع التجارب اللاحقة، إلى طبيعة الشخص نفسه، ويقول: "إذا كانت الشخصية التي عاشت تجربة الحب الأول مرنة ولديها القدرة على التكيف والتوافق فإنها تستطيع تجاوز هذه التجربة في الحياة واعتبارها تجربة يمكن الاستفادة منها باعتبارها جزءًا من خبرة الحياة التي لا تدمر الحياة الزوجية الحاضرة".
ويضيف: "أما إذا كان هذه الشخصية جامدة وليس لديها القدرة على التكيف فإنها ستعيش تجربة مريرة في الحياة، وتظل تذكر دائمًا الحب السابق وذلك مع استمرارها في علاقة سيئة مع شريكها الآخر".
ويوضح د. زقوت سبب وجود هذه التجارب بالإرث الثقافي العربي الذي يصبح جزءًا من اللاشعور الجمعي لدى المجتمع، فمثلاً يسمع الأطفال قصة قيس الذي ظل طيلة حياته يبكي ليلى إلى أن جنّ وسُمِّي "مجنون ليلى"، وبالتالي أثرت هذه المسألة على بعض الناس الذين ليس لديهم مرونة.
ومن تجربته في علاج بعض الحالات في برنامج غزة للصحة النفسية يقول: "هناك حالات زواج "تعيس" لجأت إلى البرنامج للعلاج الزواجي، كانت فيها للمرأة أو الرجل علاقة حب سابقة دمرت حياته ولم تمر عليه لحظة سعادة واحدة، وبالتالي يعيش مع الطرف الآخر حياة تعيسة في كافة مناحي حياته رغم وجود أطفال بينهم، وقد تصل هذه الحالات إلى الاضطراب النفسي أو المرض النفسي".
وعن سبل علاج مثل هذه الحالات يقول د. زقوت: "في بداية العقد العلاجي يجب أن يكون كل طرف على استعداد كامل لسماع الطرف الآخر واحترامه بما يوجد علاقة سوية بين الطرفين، ثم نسأل الطرفين عن الطرف غير الطبيعي فيهما، ومن ثَم نؤكد لهم أن كليهما طبيعيان، ولكن يجب أن يتعايشا سويًّا دون الحديث في تفصيلات باتت من الماضي.
ومن ناحيته يرى د. فضل أبو هين، مدير مركز التدريب المجتمعي بغزة أن تعايش تجربة الحب الأول الفاشل للإنسان مع تجربة الزواج تعتمد على مدى تأثير التجربة على النواحي العقلية والعاطفية لهذا الإنسان، وعلَّته في ذلك فإن الإنسان لا يمكن أن يحمل في جوفه قلبين، إنما قلب واحد.
وبالتالي فإن مدى استحواذ التجربة الأولى على إمكانياته وعقله وانفعالاته يدفع ضريبته الحب الثاني أو الزواج من أخرى.
ويلفت د. أبو هين إلى أن ذلك يؤدي إلى بعض الصراعات الأسرية والاجتماعية بين الأزواج، حيث إن بعضهم يقوم بارتباط آخر مع إنسانة أخرى، بينما تستحوذ على فكره وعواطفه التجربة الأولى؛ مما يؤدي إلى فشله مع زوجته في التواصل العاطفي والنواحي الحياتية الأخرى سببها أن لديه إشباعًا خارج نطاق الحياة الزوجية.
وأكد أنه ليس بالضرورة أن تفشل التجربة الثانية، وإنما حتمًا ستظهر مشاكل إن تطورت وتفاقمت قد تئول إلى الفشل.
--------------------------------------------------------------------------------
منقول من اسلام اون لاين
والحب الأول تعبير كثيرًا ما نسمعه يتردد هنا وهناك على ألسنة الشباب والفتيات، أحيانًا تعلو ملامح من يتحدث عنه إشراقة وتشع من وجنتيه ابتسامة، وأحيانًا أخرى ما إن تأتي ذكراه حتى تتغير الملامح حزنى أليمة على افتراق الحبيب الأول نتيجة لأسباب تختلف بين مراهقة وعدم صدق في الإحساس، وظروف أخرى تجبر على النسيان وطي صفحة الماضي وبدء حياة أخرى مع شخص آخر، قد لا يجمعهما بداية إلا احترام متبادل وفكر متسق.
سطور التحقيق التالي تعرض لتجربة الحب الأول بين الشباب الفلسطيني ذكورًا وإناثًا على حدٍّ سواء، تتلمس في آرائهم عذب مشاعر الحب الأول وظروف نشأته وإمكانية رعايته وتثبيته بين المتحابين، نسألهم هل الحب الأول مرتبط بالنظرة ورجفة القلب والتجربة الأولى أم أنه ربما يكون لاحقًا على تجارب أخرى؟.
كما نتعرف منهم على إمكانية تعايش قصص الحب الأول "الفاشلة" داخلنا مع الزواج أو قصص لاحقة، دون أن تفشلها؟
تجربة باقية.. ولكن
ماجدة امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها، تعيش في مدينة غزة، حالت الظروف الاجتماعية الخاصة بها دون إتمام زواجها من "حبها الأول" الذي جمعها بزميل العمل، بعد هذا الجرح بعام تزوجت ماجدة من رجل رشحت له من قبل المعارف.
وعن مساحة حبها الأول في حياتها بعد الزواج، تقول: "لم يكن زوجي هو ذاك الفتى الذي حلمت بأن يكون شريكي في هذه الحياة، لكنه كان رجلاً طيبًا وخلوقًا مع وجود بعض الاختلافات بيننا، ومن هنا وجدت نفسي مجبرة على مغالبة نفسي باستمرار عند التفكير في حبي الأول؛ لأكون عند ثقة زوجي حتى بيني وبين نفسي".
وتتابع ماجدة: "لا أنكر أنني الآن أفكر في حبيبي الأول قليلاً في وقت الضيق النفسي والملل الذي قد يصيب الجميع، لكن سرعان ما ألجأ إلى الله الكريم أن يعين هذه النفس على طاعته في السر وأغالبها، وأحاول أن أشغل نفسي في الكثير من أمور البيت وأمور زوجي".
لم تتوقف ماجدة هنا، بل إن إصرارها على أن تعيش حياة زوجية مقبولة بينها وبين نفسها زرع فيها التحدي في زرع الصفات والعادات الزوجية التي تحبها في زوجها نفسه، وكانت سعيدة بما يتحقق معها من تجاوب.
تضيف ماجدة: "كلما نظرت إلى أبنائي أستحي أن أفكر في حبي الأول، هذا التفكير الذي ملكني في السنوات الخمس الأولى من الزواج، أما الآن فالحمد لله عندما أرى حبيبي الأول أو أسمع عنه أي شيء يقع الأمر عادي جدًّا على نفسي.. عكس ما كان يحدث لي في أول زواجي من ضيق واحمرار وجه واهتمام".
قرأت ماجدة الكثير في آلية مقاومة هذه التجربة وخلصت إلى عدة أمور، منها أنها حاولت أن تقنع نفسها بأن حبها الأول ربما لم يكن كما تخيلته في أحلامها والتجارب التي عاصرتها في زواج المتحابين تؤكد وجود مثل هذا الاحتمال.
وعن الآلية التي اتبعتها للوصول لهذا الاقتناع تؤكد: "أولاً يجب مخافة الله في السر فالتفكير في السر هو سبب البلاء، وعلى ذلك يجب منع النفس من التفكير بمجاهدتها وإشغالها في أشياء مهمة، إضافة إلى زرع ما جذبني في حبي الأول في زوجي على قدر المستطاع، كما أن اللجوء إلى الله في الدعاء والذكر للعون على هذا الأمر مهم جدًّا، وهو أساس كل القدرة على هذا البلاء".
يبقى خالدًا
"يبقى الحب الأول خالدًا في الذاكرة والوجدان لا تمحيه تجارب أخرى ولا يكفل نسيانه تتابع الأزمان" بتلك الكلمات يعبر رائد من خان يونس، وهو في الأربعين من عمره، ويتابع: "بدايةً الحب الأول لا يرهن بالتجربة الأولى والنظرة والابتسامة والإحساس المفعم بالشوق والحنين، إنما الحب الأول هو ذلك النتاج الفكري والعاطفي والوجداني النابع من اختلاط مجموعة من التجارب والأحاسيس والمواقف التي تبين لك أن ذاك الشخص من يستحق أن يكون الحب الأول حتى إن لم تنتهِ العلاقة باجتماع أبدي".
وبعد فترة صمت، يبدأ رائد في سرد قصته مع الحب الأول، فيقر الرجل أنه أحب مرات عديدة.. جارته في زمن المراهقة وزميلته في الجامعة وزوجته التي أنجب منها ستة أطفال.
ويؤكد أن جميع تلك التجارب لها في قلبه ذكريات ومواقف وأحاسيس، لكن لم تكن إحداهن الحب الأول.
وبعد لحظات أخرى من الصمت ارتسمت خلالها علامات الأسى على وجهه، يستطرد: "كانت صديقة في مثل سني أو أصغر بأشهر قليلة قريبة جدًّا من قلبي، في البداية لم أنتبه لحبي وتعلقي اللامحدود بها خلت أنها مشاعر الصداقة فحسب، ولكن ما لبثت أن أدركت أنها حبي الأول بعد أن فارقتها مودعًا للدراسة في بلد آخر".
"هناك شعرت بحاجتي إليها ترافقني أيامي ولحظاتي وسكناتي، لكنها لم تأتِ فارقت الحياة في حادث مريع لترحل وتترك ذكراها في قلبي عالقة تأبى الرحيل".
أما نهال -25 عامًا- موظفة، تجزم بأن الحب الأول يبقى راسخًا في العقل والوجدان لا يمكن نسيانه أو حتى التعايش مع تجارب أخرى إذا ما حكم على تجربة الحب الأول بالفشل؛ نظرًا لظروف قهرية خارجة عن إرادة المتحابين.
وتفسر قناعتها من خلال تجربتها الشخصية فتقول: "مررت بتجربة حب مختلفة، لكنها أصيبت بالفشل، غير أنها ما زالت تحيا بها ولا تستطيع أن تفتح باب قلبها مجددًا علَّها تنعم بتجربة أخرى تعوضها بعضًا من ملامح تجربة الحب الأول".
أما أم أنس - ربة منزل فترى أن "تجربة الحب الأول يمكن أن تتعايش مع تجربة الزواج، خاصة إذا ما منحها الزوج الحب والاهتمام والعطف والاحترام".
وتشير أم أنس وهي أم لطفلين أن الأنثى إذا ما وجدت تعويضًا عن مزايا الحبيب الأول في الزوج فإنها ستحاول نسيان تجربة الحب الأول وستخلص للزوج ويكون هو حبها الأول والأخير.. أما إذا لم يستطع الزوج تعويضها فإنها حتمًا ستفشل في الحياة؛ إذ إنها ستعمد دومًا إلى مقارنة تجربتها الأولى مع الزواج.
آلية التعايش
ويرجع د. سمير زقوت، الاختصاصي النفسي في برنامج غزة للصحة النفسية، الآليات المطلوب توافرها لتعايش تجربة الحب الأول مع التجارب اللاحقة، إلى طبيعة الشخص نفسه، ويقول: "إذا كانت الشخصية التي عاشت تجربة الحب الأول مرنة ولديها القدرة على التكيف والتوافق فإنها تستطيع تجاوز هذه التجربة في الحياة واعتبارها تجربة يمكن الاستفادة منها باعتبارها جزءًا من خبرة الحياة التي لا تدمر الحياة الزوجية الحاضرة".
ويضيف: "أما إذا كان هذه الشخصية جامدة وليس لديها القدرة على التكيف فإنها ستعيش تجربة مريرة في الحياة، وتظل تذكر دائمًا الحب السابق وذلك مع استمرارها في علاقة سيئة مع شريكها الآخر".
ويوضح د. زقوت سبب وجود هذه التجارب بالإرث الثقافي العربي الذي يصبح جزءًا من اللاشعور الجمعي لدى المجتمع، فمثلاً يسمع الأطفال قصة قيس الذي ظل طيلة حياته يبكي ليلى إلى أن جنّ وسُمِّي "مجنون ليلى"، وبالتالي أثرت هذه المسألة على بعض الناس الذين ليس لديهم مرونة.
ومن تجربته في علاج بعض الحالات في برنامج غزة للصحة النفسية يقول: "هناك حالات زواج "تعيس" لجأت إلى البرنامج للعلاج الزواجي، كانت فيها للمرأة أو الرجل علاقة حب سابقة دمرت حياته ولم تمر عليه لحظة سعادة واحدة، وبالتالي يعيش مع الطرف الآخر حياة تعيسة في كافة مناحي حياته رغم وجود أطفال بينهم، وقد تصل هذه الحالات إلى الاضطراب النفسي أو المرض النفسي".
وعن سبل علاج مثل هذه الحالات يقول د. زقوت: "في بداية العقد العلاجي يجب أن يكون كل طرف على استعداد كامل لسماع الطرف الآخر واحترامه بما يوجد علاقة سوية بين الطرفين، ثم نسأل الطرفين عن الطرف غير الطبيعي فيهما، ومن ثَم نؤكد لهم أن كليهما طبيعيان، ولكن يجب أن يتعايشا سويًّا دون الحديث في تفصيلات باتت من الماضي.
ومن ناحيته يرى د. فضل أبو هين، مدير مركز التدريب المجتمعي بغزة أن تعايش تجربة الحب الأول الفاشل للإنسان مع تجربة الزواج تعتمد على مدى تأثير التجربة على النواحي العقلية والعاطفية لهذا الإنسان، وعلَّته في ذلك فإن الإنسان لا يمكن أن يحمل في جوفه قلبين، إنما قلب واحد.
وبالتالي فإن مدى استحواذ التجربة الأولى على إمكانياته وعقله وانفعالاته يدفع ضريبته الحب الثاني أو الزواج من أخرى.
ويلفت د. أبو هين إلى أن ذلك يؤدي إلى بعض الصراعات الأسرية والاجتماعية بين الأزواج، حيث إن بعضهم يقوم بارتباط آخر مع إنسانة أخرى، بينما تستحوذ على فكره وعواطفه التجربة الأولى؛ مما يؤدي إلى فشله مع زوجته في التواصل العاطفي والنواحي الحياتية الأخرى سببها أن لديه إشباعًا خارج نطاق الحياة الزوجية.
وأكد أنه ليس بالضرورة أن تفشل التجربة الثانية، وإنما حتمًا ستظهر مشاكل إن تطورت وتفاقمت قد تئول إلى الفشل.
--------------------------------------------------------------------------------
منقول من اسلام اون لاين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى